قناة السويس في 2024.. شريان التجارة العالمية ينزف مع التوترات الجيوسياسية

واجهت قناة السويس في 2024، أحد أهم شرايين حركة التجارة العالمية، عامًا مليئًا بالتوترات الجيوسياسية الاستثنائية، وسط تصاعدها المتلاحق، لتلقي بظلالها على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ليكون المجرى الملاحي المصري ضمن أكبر المتضررين من تلك الاضطرابات.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2023، يشنّ الحوثيون هجمات على السفن القادمة لإسرائيل من باب المندب والبحر الأحمر بسبب هجومها على قطاع غزة، ليتطور الأمر إلى السفن الأميركية والبريطانية، بعد الهجوم الذي شنّته البلدان على أهداف في اليمن.
ودفع ذلك العديد من السفن إلى اختيار طريق رأس الرجاء الصالح خوفًا من التوترات المتزايدة، رغم أن الطريق البديل يزيد الرحلة أسبوعين تقريبًا مقارنة بقناة السويس، ومن ثم زيادة التكلفة وتأخر تسليم الشحنات، وفق ملف الحصاد السنوي لعام 2024 الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وأثّرت هذه التداعيات السلبية بصورة كبيرة للغاية في عدد السفن والناقلات المارّة عبر قناة السويس في 2024، ومن ثم إيراداتها، التي تمثّل أحد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر.
بعد سنوات من تحقيق الإيرادات القياسية خصوصًا عامي 2022 و2023، جاء عام 2024 ليكون على النقيض، وتهبط إيرادات قناة السويس بصورة حادّة، مع امتناع العديد من السفن المرور عبر المجرى الملاحي.
وعلى عكس مما كان يحدث سابقًا، لم تنشر هيئة قناة السويس إيرادات القناة الشهرية بالدولار خلال 2024، وتحفّظت عن ذكرها في معظم أشهر العام، ومع ذلك تُظهر تصريحات المسؤولين مدى التضرر الكبير الذي لحق بعوائدها، وهو أمر طبيعي في ظل التحديات الأمنية بالبحر الأحمر.
وتوضح تصريحات رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول 2024 أن إيرادات القناة تراجعت منذ بداية العام بنسبة 60%، مقارنة بالمدة نفسها من عام 2023.
وفي العام المالي الماضي خلال (2023-2024)، انخفضت إيرادات القناة إلى 7.2 مليار دولار، مقابل 9.4 مليار دولار في العام المالي السابق له (2022-2023) -يبدأ العام المالي في يوليو وينتهي في يونيو من كل عام-.
ورصدت وحدة أبحاث الطاقة آخر الأرقام المعلنة عن إيرادات قناة السويس في 2024 بالجنيه المصري، وأظهرت أن إيرادات شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024 انخفضت بنسبة 43%، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2023.