معضلة الغاز في مصر.. هل يلوح تخفيف الأحمال في الأفق؟ (مقال -3)

في المقال السابق من سلسلة “معضلة الغاز في مصر” تناولت مؤشرات واضحة لبوادر المرور بأزمة في إمدادات الغاز خلال صيف 2025، سوف تحدث لا محالة إذا لم يتم التحرك مبكرًا لاحتوائها، خاصة أن قيمة العجز -في أقل تقدير- تصل إلى مليار قدم مكعبة يوميًا، وهو ما قد يجبر الدولة على تخفيف أحمال الكهرباء لمدة ساعتين يوميًا حينها.
تحدثتُ أن هذا العجز من الصعب تدبيره، لعدم وجود البنية التحتية اللازمة؛ فوحدة إعادة التغويز العائمة الإضافية لم يتم التعاقد عليها، وتحديثات محطة إسالة دمياط لم يتم البدء فيها حتى الآن، ناهيك بصعوبة دخول أي حقول جديدة بشكل معتبر إلى مرحلة الإنتاج خلال الأشهر الـ6 المقبلة، بما يعني أن الحلول قصيرة المدى شبه منحصرة في تأمين شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال.
حاولت، وقتها، تحليل فرص الإنقاذ المتاحة وخيارات التحرك المطلوبة قبل وقوع المحظور، ومنذ أن نشرت المقال حدثت تطورات شديدة الصلة بما طرحته.
أهم هذه التطورات كان تصريح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، حول زيادة محتملة لإنتاج حقل ظُهر، وزيادة قدرات حقول شركة النفط البريطانية “بي بي”، ثم مباحثات للتعاقد على شحنات طويلة الأجل من الغاز المسال.
رغم أن كل هذه التصريحات والتحركات أمور إيجابية من شأنها مفاداة جزء من العجز الناتج عن فجوة الاستهلاك المتزايدة، فإنها ليست كافية لسده تمامًا، خاصة أن هناك استحالة في تمكّن الزيادة المتوقعة في حقل ظُهر من القضاء على كامل العجز -يصل إلى مليار قدم مكعبة يوميًا-، بالإضافة إلى وجود إشكالية فنية في قدرة البنية التحتية الحالية على تغويز طاقة الاستيراد التي سيجري التعاقد عليها.
ويوضح الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، استهلاك مصر من الغاز في توليد الكهرباء والتدفئة:
وهو ما يؤكّد أهمية الاتفاق الأخير مع الجانب الأردني لاستغلال البنية التحتية للغاز في البلدين، الذي -حسب وكالة الأنباء الأردنية- اشتمل على شروط فنية وتجارية تضمن حقوق الطرفين وتعود عليهما بالفائدة، منها تحديد أولوية استعمال بواخر الغاز بين الجانبين في حال وجود حاجة متزامنة، مع تخصيص 350 مليون قدم مكعبة يوميًا للأردن (50% من قدرة باخرة واحدة، أو 25% من قدرة باخرتين).
ورغم أن تفاصيل الاتفاق مبهمة حتى الآن فإن أهمية تمديد الاتفاق مع الجانب الأردني -كان مفترضاً انتهاؤه في مايو/أيار 2025- تكمن في كونه حاسمًا لضمان استمرار استغلال محطة العقبة ونقلها إلى العين السخنة، رغم تقديم تسهيلات إلى المملكة تعفيها من تكلفة الإيجار والتشغيل وتؤمّن احتياجاتها بأسعار مخفضة.