هذا ما ينتظر “أسواق لبنان” بعد انتخاب عون.. تفاصيل مهمّة
نشر موقع “العربي الجديد” تقريراً تحت عنوان: “أسواق لبنان تعوّل على الاستقرار السياسي بعد انتخاب الرئيس”، وجاء فيه:
تشهد الحركة التجارية في لبنان تحديات غير مسبوقة في ظل الأزمات المتتالية التي يمر بها البلد.
Advertisement
وبدأت الأزمة الاقتصادية منذ سنوات، ومع اندلاع حرب الإسناد في تشرين الأول 2023، تعمقت الأوضاع أكثر، ما انعكس سلبًا على العديد من القطاعات التجارية في لبنان.
ومع حلول موسم الأعياد، كانت التوقعات بتعافي السوق من خلال زيادة النشاط التجاري في فترة عيد الميلاد ورأس السنة، إلا أن الحركة التجارية كانت خجولة مقارنة بالسنوات السابقة.
وتأثرت العديد من القطاعات، مثل المطاعم والتجزئة، بشكل ملحوظ في ظل الأزمات الأمنية والاقتصادية التي مرّ بها لبنان.
ورغم التحديات الكبيرة التي واجهها هؤلاء التجار، خصوصًا بعد انفجار مرفأ بيروت والتوقفات المرتبطة بالحروب، إلا أن هناك بعض الأمل في أن يتحسن الوضع مع تحسن الظروف السياسية وانتخاب مجلس النواب أمس الخميس جوزاف عون رئيساً للجمهورية، ما قد يعيد الثقة إلى السوق المحلي.
تعويل على الاستقرار السياسي
من خلال هذه التجارب الحية، يتضح أن اللبنانيين، رغم الأزمات المستمرة، لا يزالون متمسكين بالأمل في غدٍ أفضل، ويعوّلون على الاستقرار السياسي مفتاحاً رئيسياً لانتعاش الحركة التجارية والاقتصادية في البلد.
في بيروت، حيث يتمركز العديد من التجار والمحال التجارية، يعكس جواد (اسم مستعار)، تاجر صغير في مجال الملابس والصناعة الحرفية، الوضع الصعب الذي يعيشه القطاع التجاري.
ويقول جواد في حديثه: “في السنوات الماضية، كنا نستقبل أعدادًا كبيرة من السياح والمواطنين خلال فترة الأعياد، لكن هذا العام، حتى مع وقف إطلاق النار، كانت الحركة التجارية خجولة للغاية”.
وأضاف: “لم نتمكن من الحفاظ على الأسعار نفسها بسبب المخزون المنخفض. تضررنا من كل الجوانب، سواء من الأوضاع الأمنية أو الاقتصادية”.
ورغم أن الفترات التي تلت الحرب كانت تشهد بعض الحركة النسبية خلال “الجمعة السوداء”، إلا أن معظم التجار واجهوا صعوبة في البقاء على قيد الحياة، ولا سيما في ظل زيادة تكاليف الاستيراد والاقتصاد المنهار، حسب جواد.
في هذا السياق، صرّح الأمين العام للهيئات الاقتصادية، نقولا شماس، في حديث مع “العربي الجديد”، بأن حرب الإسناد التي بدأت في 8 تشرين الأول 2023 أثرت كثيرًا في الحركة التجارية، ولا سيما أن معظم المواطنين اللبنانيين كان استهلاكهم مقتصراً على القطاعات الأساسية مثل الطعام والشراب والدواء والبنزين، لذلك توقفت معظم القطاعات الأخرى وتراجعت حركتها التجارية بشكل ملحوظ.
ومع وقف إطلاق النار، تحركت الأسواق نسبيًا في لبنان خلال “الجمعة السوداء”(Black Friday)، لكن التجار لم يستطيعوا الإبقاء على الأسعار والتنزيلات نفسها، لأن ذلك كان يعرضهم لخسائر.
ومع ذلك، لم يتمكنوا من الاستمرار، لأن المخزون نفد، وأمامهم تحديات كبيرة خلال هذه المرحلة، أهمها إعادة الإعمار، لأن جزءًا كبيرًا من المنشآت تدمر، وجزء آخر لم يتمكن الموظفون من الوصول إليه للعمل بسبب الظروف، ما استلزم إعادة ترميمه.
وأشار شماس إلى أن “وفود المغتربين لم تكن على قدر التوقعات، بسبب عدم عودة جميع الرحلات الجوية إلى لبنان من قبل شركات الطيران”.
لذلك، كانت الحركة خجولة وأقل مما كان متوقعًا. أما في أواخر عام 2024، فقد حُدِّد النشاط المجمع للقطاع التجاري الذي يشمل جميع القطاعات، وفقًا لوزن كل قطاع تجاري.
وبالتالي، كان المعدل العام للانخفاض في حركة الاستهلاك بين 70% و75% حتى نهاية شهر تشرين الثاني الماضي. هذه النسبة قد تبقى ثابتة تقريبًا، لكن بعض القطاعات شهدت تراجعًا أكبر من 70%، بينما بعض القطاعات الأخرى المعتمدة على المواد الأساسية للمواطن لم تشهد هذا التراجع الكبير. أما القطاعات التكميلية، فقد شهدت تراجعًا أكبر يصل إلى 80%.
انعكاسات انتخاب الرئيس
وأوضح أن المستهلك اللبناني في حالة من عدم اليقين، في انتظار انقضاء مهلة الـ60 يوماً لتطبيق قرار وقف إطلاق النار، حيث يفضل الاحتفاظ بـ”قرشه الأبيض ليومه الأسود”. كذلك، فإن غياب الاستقرار السياسي زاد من عدم وضوح الرؤية المستقبلية، حسب ما يقول شماس.
ويترقب اللبنانيون انعكاسات انتخاب رئيس جديد على الأسواق ومختلف القطاعات. في هذا السياق، يلفت شماس إلى أن “الاستقرار السياسي سيكون نقطة تحول؛ أولًا، سيتغير الوضع في عقلية المستهلك، حيث سيبدأ في التفكير بتفاؤل بدلًا من القلق… وعندما تكون رؤية المستهلك تفاؤلية للمستقبل القريب والمتوسط، يصبح أكثر رغبة في الاستهلاك”.
ومن ناحية التجار، فإن انتخاب رئيس الجمهورية وإعداد خطة تعافٍ واضحة، سيشجعهم على الاستثمار مجددًا، وستعود المؤسسات إلى العمل كما كانت، وفقًا لشماس. وذكر أن العديد من التجار قد أغلقوا أعمالهم في انتظار تحسن الأوضاع، بالإضافة إلى العديد من الموظفين والعمال الذين فقدوا وظائفهم بشكل كامل بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية.
وقال الأمين العام للهيئات الاقتصادية إن هناك تحديات كبيرة لعودة الحياة إلى طبيعتها: أولًا، إعمار البنى التحتية من منازل ومحال تجارية، إضافة إلى “الإعمار الاقتصادي”. أما بالنسبة إلى إعادة إعمار البنى التحتية، فإن لبنان الرسمي لا يملك القدرة على القيام بهذه الخطوة، وهنا يأتي دور الدول الخليجية التي من الضروري إعادة توطيد العلاقات بها وإعادة الثقة بين لبنان ودول الخليج، إضافة إلى ضرورة عودة القطاع المصرفي وهيكليته للمساهمة في تحريك الدورة المالية، وهنا يأتي دور المفاوضات مع البنك الدولي.
بينما التحدي الثالث يتمثل بإعادة تنشيط نمو الاقتصاد اللبناني، الذي يتوقف على خطة تعافٍ بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي بهدف بناء هذه المرحلة والوصول إلى حلول، حسب شماس الذي أكد أن التحدي الأخير يتمثل بإعادة تنشيط الاستهلاك والمستقبل في لبنان، ويبدأ من نقطة ما بعد انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة، ما يعيد الثقة في المرحلة القادمة ويشجع على الاستهلاك.
فترة الأعياد في لبنان
وتحدث نائب رئيس نقابة المطاعم والملاهي والمقاهي، خالد نزهة، لـ”العربي الجديد” عن فترة عيدي الميلاد ورأس السنة، “حيث انعكست الحرب الإسرائيلية على لبنان بشكل سلبي، مؤثرة بجميع القطاعات وبعودة الحرب والأجانب، ومع وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الفائت، كان الموسم قريباً جداً من فترة الأعياد، وكان موسماً متواضعاً للغاية.
وكنا نتوقع ذلك لأن حالة الحرب كانت قاسية جداً على البلد وأثرت في العديد من المناطق، كذلك تضررت القرى والمدن في مختلف أنحاء الوطن”.
ورغم الأزمات التي تعرّض لها قطاع المطاعم في الفترة الأخيرة، أكد نزهة أنه كان حاضراً لتقديم أفضل الخدمات فور انتهاء الحرب، وخلال الأعياد، عبر تنظيم بعض الحفلات وتقديم الزينة بأسعار تناسب الجميع. ورغم تواضع الحركة، انحصرت في بعض المناطق مثل بيروت، جبيل، المتن، والبترون.
وأشار نزهة إلى نسبة الحضور من المواطنين مقارنةً بالوضع العام، ولا سيما مع انتهاء الحرب قبل فترة قصيرة من الأعياد، بالإضافة إلى “توقف الرحلات الأجنبية، وبعض الفنانين الذين توجهوا إلى الخارج”. وقال: “نشكر الله على هذه النسبة”.
وأكد نزهة أن خسائر القطاع كانت تراوح بين 50% و60% مقارنةً بالعام الماضي خلال موسم الأعياد.
وتطرق في حديثه إلى الأزمة السورية، ومدى تأثيرها بحركة الأردنيين عبر الطريق البرية، مع التعويل على الخط العربي لتحريك القطاع السياحي.
وذكّر نزهة بأن هذا القطاع يُعد الأكبر من حيث تشغيل اللبنانيين، رغم الخسائر التي تكبدها في الأزمات الأخيرة، مثل انهيار العملة الوطنية، انفجار مرفأ بيروت، وجائحة “كورونا”. ومع كل ما تقدم، أكد نزهة أن اللبنانيين محبون للحياة ومتعلقون بأرضهم رغم جميع الأزمات.
لذلك، يعكس الوضع التجاري في لبنان حالة من التحدي المستمر وسط الأزمات المتعددة التي يواجهها البلد، ورغم الأضرار الجسيمة التي خلفتها الحروب والانفجارات، لا يزال الأمل موجودًا في إمكانية تحسن.
من جانب آخر، سجّل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الذي يصدره بنك “لبنان والمهجر” التابع لـ”ستاندرد آند بورز” ارتفاعًا ملحوظًا في كانون الأول 2024، حيث بلغ 48.8 نقطة، ما يعكس تحسّنًا واضحًا في الأوضاع الاقتصادية اللبنانية بعد تراجع مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير في الشهر الذي قبله.
من جانب آخر، سجّل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الذي يصدره بنك “لبنان والمهجر” التابع لـ”ستاندرد آند بورز” ارتفاعًا ملحوظًا في كانون الأول 2024، حيث بلغ 48.8 نقطة، ما يعكس تحسّنًا واضحًا في الأوضاع الاقتصادية اللبنانية بعد تراجع مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير في الشهر الذي قبله.
وتُظهر المؤشرات الفرعية للمؤشر تحسّنًا ملموساً، خصوصاً في مؤشر الإنتاج المستقبلي، وأشارت الشركات التي شاركت في المسح إلى توقعات إيجابية تاريخية حيال النشاط التجاري، مع توقعات بانتعاش ملحوظ في الأشهر الـ12 المقبلة، بدعم من وقف إطلاق النار في المنطقة. (العربي الجديد)
تابع
إتبعنا