هل تنقذ مؤتمرات المناخ كوكب الأرض من الانهيار؟ (مقال)
تشكّل مؤتمرات المناخ والبيئة الـ3 التي ينتظرها العالم قبل نهاية العام الجاري (2024) فرصة لتجديد الالتزام الدولي والعمل على مواجهة التحديات التي من شأنها أن تزيد من معاناة كوكب الأرض.
وتفرض التغيرات، التي يشهدها كوكب الأرض بوتيرة متزايدة ومستمرة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، إعادة النظر في الجهود الدولية التي لم تحقق غاياتها في الوقوف بوجه التحديات البيئية المتزايدة التي نواجهها اليوم، مثل: فقدان التنوع البيولوجي، وتغير المناخ، والتصحر، وهي قضايا مترابطة بشكل معقّد، وتشكّل تهديدًا مباشرًا لحياتنا اليومية ومستقبل كوكبنا.
ويؤدي النشاط البشري المتزايد وارتفاع درجات الحرارة إلى تدمير الموائل الطبيعية، مما يهدد بانقراض العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية، وفي الوقت نفسه، تتسارع وتيرة التصحر، مما يقلّص الأراضي الزراعية، ويضع الأمن الغذائي في خطر، لمواجهة هذه التحديات المتشابكة.
وبات من الضروري تعزيز التعاون الدولي لحماية البيئة، فالتنسيق وحشد الجهود لحماية التنوع البيولوجي، ومواجهة تغير المناخ، والتصدي للتصحر، لم يعد خيارًا بل هو مطلب أساس.
لذا فيجب دمج الجهود بين القضايا الثلاث لتحقيق التنمية المستدامة وضمان استقرار الأجيال القادمة؛ إذ إن هذه القضايا ليست فقط بيئية، بل ترتبط بشكل وثيق بمستقبل الأمن الغذائي والمائي، والطاقي، وتهدد استقرار الاقتصادات العالمية.
برزت القضايا البيئية نقطة محورية في القرن التاسع عشر ضمن سياق الاتفاقيات الدولية الخاصة بإدارة الموارد، ومن أمثلة ذلك إنشاء هيئات الاستعمال الاقتصادي للأنهار والممرات المائية (هيئتَي شؤون الراين والدانوب)، ومنظمة الملاحة البحرية الدولية (IMO) عام 1948، بهدف تسهيل الملاحة والشحن الدوليين، وهي المنظمة التي أوكلت لها سنة 1954 مسؤولية إنجاز معاهدة “منع تلوث البحار بالنفط”.
واهتمت أول معاهدة بيئية لحماية الحياة النباتية -وقعت ببيرن سنة 1889- بصورة رئيسة بمنع انتشار مرض يُعرف بـ”الفكلر”، وهو نوع من قمل النبات كان يهدد بالقضاء على كروم العنب في أوربا، ثم تلتها في العشرينيات والخمسينيات من القرن العشرين حزمة من المعاهدات الإقليمية والدولية التي تُعنى بحماية سلالات النباتات أو منع انتشار أمراض تهددها.
وعرفت سنة 1902 أول اتفاقية حول الغطاء الحيواني ممثلةً في معاهدة “حماية الطيور المفيدة للزارعة”، وعام 1911 وقّعت كل من الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي معاهدة “حماية حيوان الفقمة ذات الفرو”، وفي سنة 1945 أُنشئت منظمة الأغذية والزراعة الدولية (FAO) التابعة لهيئة الأمم المتحدة، التي من بين أهدافها المحافظة على الموارد الطبيعية، كما عرفت سنة 1946 توقيع المعاهدة الدولية حول صيد الحيتان.